محافظة الشرقية: أرض التاريخ والحضارة والطبيعة الخلابة
محافظة الشرقية واحدة من أهم محافظات مصر، تجمع بين عبق التاريخ وأصالة الريف المصري، وهي موطن للعديد من المعالم الأثرية والمناطق الزراعية الشاسعة التي تجعلها واحدة من أبرز المحافظات في الدلتا. تقع الشرقية في الجزء الشرقي من دلتا النيل، وتتميز بموقعها الاستراتيجي الذي يربط بين الوجه البحري والوجه القبلي، ما يجعلها مركزًا تجاريًا وزراعيًا مهمًا منذ العصور القديمة وحتى اليوم.
عراقة التاريخ وأصالة الحضارة
الشرقية ليست مجرد محافظة عادية، بل هي أرض شهدت العديد من الحضارات بداية من الفراعنة، حيث كانت جزءًا مهمًا من الدلتا المصرية القديمة، وكانت تضم مدينة "برعمسيس"، عاصمة مصر في عهد الملك رمسيس الثاني، التي كانت مركز الحكم والقوة العسكرية للدولة الحديثة. كما كانت الشرقية موطنًا لإحدى أهم العائلات الحاكمة في التاريخ المصري القديم وهي الأسرة الـ 21.
تضم المحافظة العديد من المعالم الأثرية الفرعونية مثل تل بسطة، وهو من أهم المواقع الأثرية التي زارها النبي موسى عليه السلام وفقًا للروايات التاريخية، وكذلك صان الحجر (تانيس القديمة)، التي كانت عاصمة مصر في بعض الفترات الفرعونية، وتحتوي على معابد ومقابر ملكية تعكس عظمة الحضارة المصرية القديمة.
الطبيعة الزراعية الخلابة ومكانتها الاقتصادية
تشتهر الشرقية بمساحاتها الزراعية الشاسعة التي تمتد عبر القرى والمراكز، وتعد من أكبر المحافظات إنتاجًا للمحاصيل الزراعية مثل القطن، الأرز، القمح، والموالح، وتلعب دورًا أساسيًا في دعم الاقتصاد المصري من خلال تصدير هذه المنتجات إلى الأسواق المحلية والعالمية. ولا يقتصر دورها على الزراعة فقط، بل تعتبر مركزًا هامًا للصناعات الغذائية وصناعة الغزل والنسيج، مما يساهم في توفير العديد من فرص العمل لأبناء المحافظة.
أهم المدن والمراكز في الشرقية
تضم محافظة الشرقية العديد من المدن والمراكز الحيوية، وأشهرها مدينة الزقازيق، عاصمة المحافظة، والتي تشتهر بجامعتها العريقة "جامعة الزقازيق"، التي تُعد من أهم الجامعات في مصر، وتخرج منها العديد من العلماء والمفكرين. كما تضم مدنًا أخرى ذات أهمية كبيرة مثل بلبيس، أبو كبير، منيا القمح، فاقوس، وأبو حماد، وكل مدينة لها طابعها الخاص وتاريخها العريق.
السياحة في الشرقية: بين التراث والطبيعة
رغم أن الشرقية ليست وجهة سياحية تقليدية مثل القاهرة أو الأقصر، إلا أنها تمتلك العديد من المواقع التي تجذب الزوار، سواء من الباحثين عن الآثار أو عشاق الطبيعة. فبالإضافة إلى المواقع الفرعونية مثل صان الحجر وتل بسطة، يوجد بها قلاع إسلامية ومساجد تاريخية تعكس تطور العمارة الإسلامية في مصر. كما تتميز الشرقية بالعديد من المناطق الطبيعية مثل بحيرة العباسي، التي توفر بيئة مناسبة لمحبي الصيد والاستجمام وسط الطبيعة الهادئة.
عادات وتقاليد شعب الشرقية
يتميز أهل الشرقية بالكرم وحسن الضيافة، وتشتهر المحافظة بعاداتها التراثية الأصيلة التي لا تزال حية حتى اليوم، مثل احتفالات "الهجن" التي تُقام في مدينة بلبيس، وتعتبر من أقدم سباقات الهجن في مصر، حيث يتوافد إليها عشاق السباقات من مختلف المحافظات وحتى من الدول العربية.
كما أن الشرقية معروفة بالفنون الشعبية مثل التحطيب والتنورة، والتي تعكس الروح التراثية للمحافظة، إضافة إلى كونها موطنًا للعديد من الشعراء والفنانين الذين أثروا الساحة الثقافية في مصر.
التطور الحديث والمستقبل الواعد
رغم احتفاظ الشرقية بعراقتها، إلا أنها لم تتوقف عن التطور، حيث تشهد حاليًا مشروعات تنموية ضخمة في مجالات البنية التحتية، والصناعة، والتعليم، مما يساهم في تعزيز مكانتها الاقتصادية والاجتماعية. كما أن الاهتمام بالمحافظة زاد في السنوات الأخيرة من خلال تطوير شبكة الطرق، وإنشاء مناطق صناعية جديدة، وتوسيع نطاق الخدمات الصحية والتعليمية.
الشرقية.. جوهرة في قلب مصر
تمثل محافظة الشرقية نموذجًا يجمع بين التاريخ العريق والطبيعة الخلابة والتطور الحديث، فهي ليست فقط محافظة زراعية، بل هي أرض الحضارات، ومركز ثقافي واقتصادي له مكانته الخاصة في مصر. سواء كنت مهتمًا بالتاريخ، أو محبًا للطبيعة، أو باحثًا عن فرص استثمارية، ستجد في الشرقية كل ما تبحث عنه، فهي بحق جوهرة في قلب مصر